تابعونا على فيسبوك

قراءة في دوافع إعادة ترتيب المشهد الحكومي/ افتتاحية

أربعاء, 17/12/2025 - 14:15

تتواتر، في الآونة الأخيرة، قراءات سياسية متأنية تذهب إلى ترجيح إقدام وشيك على تعديل وزاري في حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي، تعديلٌ لم يعد يُستحضر في إطار التخمين العابر، بل أضحى يُقرأ في ضوء مؤشرات دقيقة تلوح في سلوك السلطة وفي حركة مراكز القرار داخل الدولة.

 

ويرى فريق من المراقبين أن من أبرز مسوغات هذا الاستحقاق الحكومي المرتقب حالة عدم الارتياح التي يبديها فخامة رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، إزاء محاولات بعض أقطاب النظام تهيئة مواقعهم، أو مواقع غيرهم، لخلافة الحكم، في سياق يُنظر إليه داخل الدوائر العليا بوصفه استعجالًا غير محمود، ومساسًا بمنهج التدرج والانضباط الذي يحرص الرئيس على تكريسه. ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن التعديل الوزاري قد يشكّل، في هذا الإطار، أداة لإعادة ضبط الإيقاع السياسي، وتأكيد حصرية إدارة الاستحقاقات الكبرى بمركز القرار الأعلى.

 

وعلى الضفة الأخرى، يرى مراقبون آخرون أن الدوافع الأعمق للتعديل تتجاوز مسألة الخلافة، لتلامس اختلالات هيكلية في الأداء الحكومي، وصراع أجنحة داخل منظومة الحكم، صراعٌ أخذ يتكشف، تدريجيًا، عبر تباينات حادة في الرؤى، وتنافس متصاعد على النفوذ داخل قطاعات ذات وزن سياسي وإداري معتبر. وبحسب هذا الاتجاه، فإن حالة عدم الانسجام هذه أضعفت النجاعة التنفيذية، وفرضت مراجعة جذرية لتركيبة الفريق الحكومي.

 

وتذهب هذه القراءة إلى أن التعديل المرتقب لن يكون محدودًا في رمزيته ولا في نطاقه، بل قد يفضي إلى إبعاد شخصيات وازنة، محسوبة على أحد الأجنحة الكبرى، في خطوة تحمل دلالات سياسية واضحة، قوامها إعادة ترسيم موازين القوة، والتأكيد على وحدة القرار، وحسم التباينات التي تجاوزت، في نظر القيادة، حدود الاختلاف المقبول.

 

وبين هذين التفسيرين، يلتقي جلّ المتابعين عند خلاصة مفادها أن أي تعديل وزاري قادم، إن تم، سيحمل في طياته أبعادًا سياسية عميقة، تتجاوز مجرد تحسين الأداء الإداري، لتعكس إرادة واعية في إعادة ترتيب البيت الداخلي، وتكريس منطق الانضباط، في مرحلة تتسم بدقة بالغة وحساسية متزايدة على المستويين الداخلي والإقليمي.

 

وإلى أن تتضح معالم هذا الاستحقاق، يظل المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، غير أن الثابت، في تقدير المراقبين، أن الحكومة تقف عند منعطف دقيق، ستتحدد من خلاله طبيعة المرحلة المقبلة، بين خيار التوازن الهادئ وخيار الحسم الصارم في إعادة تشكيل مواقع النفوذ داخل السلطة.

اتصل بنا

هاتف : 26004443 - 32755522    البريد الإلكتروني : ‫[email protected]